تسلية المصاب بما في البلوى من النفع والثواب
تسلية المصاب بما في البلوى من النفع والثواب
إن الدنيا دار المصائب والشرور وليس فيها لذة على الحقيقة إلا
وهي مشوبة بالكدر فما يظن في الدنيا أنه شراب فإنه سراب وعمارتها وإن حسنت صورتها
خراب والعجب كل العجب ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع وأعجب منه من يطلب من
المطبوع على الضر النفع.قال بعض الأدباء:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار والأكدار
قال بعض السلف:رأيت جمهور الناس ينزعجون لنزول البلاءانزعاجاً يزيد على الحد كأنهم ما
علموا أن الدنيا على ذا وضعت و هل ينتظر الصحيح سوى السقم و الكبير إلا الهرم و الموجود
سوى العدم
فالدنيا لا تخلو من بلية ولا تصفو من محنة و رزية
من أعظم ما يتسلى به من أصيب بمصيبة فصبر لها واسترجع ما وعده الله عز و جل من
الأجر و الثواب حيث قال الله تعالى(وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاإِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة:157)
و أخبر الله عز و جلأنه يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب فقال تعالى ( إنما يوفى الصابرونأجرهم بغيرحساب )
قال عمر بن عبد العزيز : ما أنعم الله على عبد من نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه منه
و عن يونس بن زيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن : ما منتهى الصبر قال : أن يكون يوم تصيبه المصيبةمثل قبل أن تصيبه
و قال على بن أبي طالب : من رضى بقضاء الله جرى عليه و كان لهأجر و من لم يرضى بقضاءالله جرى عليه و حبط عمله
و مما يتسلى به المصاب أن يجعل مكان الأنين و الشكوى إلى الخلق ذكر الله عز و جل و الاستغفار و الشكوى إلىالله الواحد القهار
فالأنين و الشكوى إلى الخلق و إن كان فيها راحة للمصاب إلاإنها تدل على ضعف و خور و الصبر عليها دليل قوة و عز و هي إشاعة سر الله تعالى عندالعبد و هي تؤثر شماته الأعداء و رحمة الأصدقاء
قال أحد الصالحين و قد أخاه يشكو إلى الخلق : يا هذا ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلىمن لا يرحمك , و في ذلك قيل إذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم ومما يتسلى به المصاب أن يعلم أن المصيبة تفتح على العبد أبوباً من العبادات الظاهرة و
الباطنة كالدعاء و الإخلاص و الإنابة قال الله عز و جل " و إذا مس الإنسان ضر دعاربه منيباًإليه "
فالبلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفاف إلى المخلوق و يوجب لهالاقبال على الخالق وحده و قدحكى الله عن المشركين إخلاص الدعاء له عند الشدائدفكيف بالمؤمن فالبلاء يوجب للعبد تحقيقالتوحيد بقلبه و ذلك أعلى المقامات و أشرفالدرجات
و البلاء يوجب للعبد الرجوع إلى الله عز و جل و الوقوف ببابه و التضرع له و الاستكانة و ذلكمن أعظم فوائد الابتلاء و في بعض الآثار : إن الله ليبتلي العبد و هو يحبه ليسمع تضرعه و كان بعض السلف إذا فُتح له في الدعاء عندالشدائد لم يحب تعجيل إجابته خشية أن يقطع عمافتح له
و مما يتسلى به المصاب أن يعلم أن المصيبة إما أن تكون تكفيراً للذنب أو رفعا لدرجة و في كل خير
قال الله تعالى " و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير " و قال صلىالله عليه و سلم " و ما يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في نفسه و ماله و ولده حتىيلقى الله و ماعليه خطيئة " قال بعض السلف : لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة من المفاليس و قال صلى الله عليه و سلم " إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة فمايبلغها بعمل فما زال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها "
و ممايتسلى به المصاب أن يعلم ان الله تبارك و تعالى يبتلي عبده ليسمع شكواه و تضرعه دعاءه و قيل لبعضهم : كيف تشتكي إلى من لا تخفى عليه خافية في الأرض و لا في السماء فقال : و صبره و رضاه بما قضاه عليه قالوا تشكو إليه ما ليس يخفى عليه
فقلت ربي يرضى ذل العبيد لديه.
و مما يتسلى به المصاب و يزول همه وحزنه قوله صلى الله عليه و سلم " ما أصاب عبداً قط هم و لا حزن , فقال : اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك , ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو أستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري و جلاءحزني و ذهاب همي إلاأذهب الله همه و حزنه و أبدله مكانه فرحاً قال : فقيل : يا رسول اله ألانتعلمها ؟فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها "
و من فوائد البلاء : رحمة أهل البلاء و مساعدتهم على بلواهم فإن العبد إذا أحس بألم الابتلاءرق قلبه لأهل البلاءو رحمهم
و من فوائد البلاء أيضاً : معرفة قدر نعمة العافية فإن النعم لا تعرف أقدارها إلا بعد فقدها فلايعرف نعمة العافية إلا من ذاق مرارة المرض
باختصار ...من كتاب "تسلية المصاب بما في البلوى من النفع و الثواب" "
وتقبلو تحيات المشرف
اتبل
إن الدنيا دار المصائب والشرور وليس فيها لذة على الحقيقة إلا
وهي مشوبة بالكدر فما يظن في الدنيا أنه شراب فإنه سراب وعمارتها وإن حسنت صورتها
خراب والعجب كل العجب ممن يده في سلة الأفاعي كيف ينكر اللسع وأعجب منه من يطلب من
المطبوع على الضر النفع.قال بعض الأدباء:
طبعت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار والأكدار
قال بعض السلف:رأيت جمهور الناس ينزعجون لنزول البلاءانزعاجاً يزيد على الحد كأنهم ما
علموا أن الدنيا على ذا وضعت و هل ينتظر الصحيح سوى السقم و الكبير إلا الهرم و الموجود
سوى العدم
فالدنيا لا تخلو من بلية ولا تصفو من محنة و رزية
من أعظم ما يتسلى به من أصيب بمصيبة فصبر لها واسترجع ما وعده الله عز و جل من
الأجر و الثواب حيث قال الله تعالى(وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاإِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة:157)
و أخبر الله عز و جلأنه يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب فقال تعالى ( إنما يوفى الصابرونأجرهم بغيرحساب )
قال عمر بن عبد العزيز : ما أنعم الله على عبد من نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيراً مما انتزعه منه
و عن يونس بن زيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن : ما منتهى الصبر قال : أن يكون يوم تصيبه المصيبةمثل قبل أن تصيبه
و قال على بن أبي طالب : من رضى بقضاء الله جرى عليه و كان لهأجر و من لم يرضى بقضاءالله جرى عليه و حبط عمله
و مما يتسلى به المصاب أن يجعل مكان الأنين و الشكوى إلى الخلق ذكر الله عز و جل و الاستغفار و الشكوى إلىالله الواحد القهار
فالأنين و الشكوى إلى الخلق و إن كان فيها راحة للمصاب إلاإنها تدل على ضعف و خور و الصبر عليها دليل قوة و عز و هي إشاعة سر الله تعالى عندالعبد و هي تؤثر شماته الأعداء و رحمة الأصدقاء
قال أحد الصالحين و قد أخاه يشكو إلى الخلق : يا هذا ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلىمن لا يرحمك , و في ذلك قيل إذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم ومما يتسلى به المصاب أن يعلم أن المصيبة تفتح على العبد أبوباً من العبادات الظاهرة و
الباطنة كالدعاء و الإخلاص و الإنابة قال الله عز و جل " و إذا مس الإنسان ضر دعاربه منيباًإليه "
فالبلاء يقطع قلب المؤمن عن الالتفاف إلى المخلوق و يوجب لهالاقبال على الخالق وحده و قدحكى الله عن المشركين إخلاص الدعاء له عند الشدائدفكيف بالمؤمن فالبلاء يوجب للعبد تحقيقالتوحيد بقلبه و ذلك أعلى المقامات و أشرفالدرجات
و البلاء يوجب للعبد الرجوع إلى الله عز و جل و الوقوف ببابه و التضرع له و الاستكانة و ذلكمن أعظم فوائد الابتلاء و في بعض الآثار : إن الله ليبتلي العبد و هو يحبه ليسمع تضرعه و كان بعض السلف إذا فُتح له في الدعاء عندالشدائد لم يحب تعجيل إجابته خشية أن يقطع عمافتح له
و مما يتسلى به المصاب أن يعلم أن المصيبة إما أن تكون تكفيراً للذنب أو رفعا لدرجة و في كل خير
قال الله تعالى " و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير " و قال صلىالله عليه و سلم " و ما يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في نفسه و ماله و ولده حتىيلقى الله و ماعليه خطيئة " قال بعض السلف : لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة من المفاليس و قال صلى الله عليه و سلم " إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة فمايبلغها بعمل فما زال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها "
و ممايتسلى به المصاب أن يعلم ان الله تبارك و تعالى يبتلي عبده ليسمع شكواه و تضرعه دعاءه و قيل لبعضهم : كيف تشتكي إلى من لا تخفى عليه خافية في الأرض و لا في السماء فقال : و صبره و رضاه بما قضاه عليه قالوا تشكو إليه ما ليس يخفى عليه
فقلت ربي يرضى ذل العبيد لديه.
و مما يتسلى به المصاب و يزول همه وحزنه قوله صلى الله عليه و سلم " ما أصاب عبداً قط هم و لا حزن , فقال : اللهم إني عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك , ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو أستأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي و نور صدري و جلاءحزني و ذهاب همي إلاأذهب الله همه و حزنه و أبدله مكانه فرحاً قال : فقيل : يا رسول اله ألانتعلمها ؟فقال : بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها "
و من فوائد البلاء : رحمة أهل البلاء و مساعدتهم على بلواهم فإن العبد إذا أحس بألم الابتلاءرق قلبه لأهل البلاءو رحمهم
و من فوائد البلاء أيضاً : معرفة قدر نعمة العافية فإن النعم لا تعرف أقدارها إلا بعد فقدها فلايعرف نعمة العافية إلا من ذاق مرارة المرض
باختصار ...من كتاب "تسلية المصاب بما في البلوى من النفع و الثواب" "
وتقبلو تحيات المشرف
اتبل