سئمنا كثيرا سماع هذا المصطلح في كل مكان، حتى من أطفالنا الذين بكل براءة يرددون ما يتناقله ذووهم في اجتماعاتهم العائلية وعلى مائدة الطعام وتحت النار حول هذا الموضوع ..تفتح المذياع فتمج أذنك ما يتسلل إليها من أخبار دموية، وتعجز عيناك عن متابعة آثار إحدى التفجيرات "الإرهابية"..وكم نعشم أنفسنا بالقول أن في الغد بسمة أو شمعة..ولا بد للدم أن يحقن رغم أنف الأبالسة..ولكن كيف يتأتى ذلك؟
إن الأحداث المتفجرة في شتى بقاع العالم من العراق إلى مصر مرورا ببريطانيا وتركيا، وما آل إليه الحال لدى الشارع العام الذي بات على موعد من خبر مألوف كل ساعة يشي بضحايا جدد وانتحاريين على شكل مفرقعات متحركة لا أول لها ولا آخر، تضرب في الأرض وتهلك الحرث والنسل باسم الإسلام في كثير من الأحيان..
وعلى الرغم من أن الإسلام يحث على إرهاب العدو، ويدعو إلى ذلك، إلا أننا يجب أن نقف وقفة طويلة أمام تعريف العدو، ومفهوم الحرابة في الإسلام، حيث يبدو أن هناك مدارس دينية عششت أفكارا لا تمت لإسلام السماحة بصلة..
إن من يفجر نفسه طواعية لا يمكن أن يقدم على ذلك بأي حال من الأحوال إلا إذا كان يعتنق فكرة معينة، أو توجها ما..وإخلاصه لهذا التوجه متغلغل إلى أبعد حد، وهذا يقودنا إلى الفكر المتشدد الذي يرى حكام الأمة وجنودها التابعين كفرة ماجنيين وفي كل نصراني يقتل ثوابا عظيما، وفي كل شيعي مهما كانت طائفته جهادا واستشهادا..
إنها ليست قضية فلسطين كما يروج لها عالميا، ولا قضية العراق كما تدعي الجماعات الوهمية هناك..إنه النزاع على السلطة، وبث النزاعات والقلاقل في دول الجوار لتحقيق هدف خفي للماسونية العالمية، التي تنفق على المدارس الدينية الملايين سنويا، وتمد الجماعات المناوئة للسلطة في شتى البلدان بأسلحة وعتاد، وذلك بطرق غير مباشرة..حيث ما زال المجاهدون –كما يطلقون على أنفسهم- المساكين على يقين أن هذا الدعم يأتي من جهات خيرية مؤمنة بالفكر المتشدد الذي يعصف بكياناتهم، ويجعهلم كالأنعام أو أضل سبيلا..
لقد أصبح المسلم العادي في حيرة كبيرة، فهو غير ضليع في أمور دينه، ويردد ما يسمع من فتاوى هنا وهناك دون أن يعمل فكره أو يجتهد في رأيه..وهو على علته هذه ليس مطالبا بأكثر منها..حيث أن العبء الأكبر يقع على المثقف العربي المسلم الذي يجب أن يقف من هذه الظاهرة وقفة جدية وحاسمة أيا ما كان موقعه، ويساهم في تنوير الأمة بضرورة مكافحة هذه الظاهرة الشيطانية، والحث على مساعدة السلطات – وإن جارت على الرعية- في اقتلاع جذور المتشددين في الأمة..
نحن بحاجة إلى وقفة جماعية مبنية على أسس فكرية ثابتة ومتفق عليها، ولا يوجد بها أي خلاف، حتى يمكننا كبح جماح الأبالسة..فإما إسلام "جادلهم بالتي هي أحسن" وإما فلنفعل كما اجتهد صلاح الدين الأيوبي حتى يوحد الأمة على كلمة واحدة وفكر واحد..